لاتنسى ذكر الله

اذكـآر وأدعيـة   دعاء من أصابته مصيبة   .. ما من مسلم تصيبه مصيبة فيقول كما أمره الله إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها إلا أخلف الله له خيراً منها (رواه مسلم632/2)   دعاء الهم والحزن    .. ما أصاب عبداُ هم و لا حزن فقال : اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماضِ في حكمك ، عدل في قضاؤك أسالك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك ، أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ، ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي " . إلا أذهب الله حزنه وهمه وأبدله مكانه فرحاً رواه أحمد وصححها لألباني.لكلم الطيب ص74 اللهم إني أعوذ بك من الهم والخزن ، والعجز والكسل والبخل والجبن ، وضلع الدين وغلبة الرجال ". كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من هذا الدعاء   دعاء الغضب    .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم رواة مسلم .2015/4   دعاء الكرب    .. لاإله إلا الله العظيم الحليم ، لاإله إلا الله رب العرش العظيم ، لاإله إلا الله رب السموات ورب العرش الكريم متفق عليه قال صلى الله عليه وسلم دعاء المكروب : اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لاإله إلا أنت الله ، الله ربي لاأشرك به شيئاً صحيح . صحيح سنن ابن ماجه(959/3) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" دعوة النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت :" لاإله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين لم يدع بها رجل مسلم في شئ قط إلا استجاب الله له . صحيح .صحيح الترمذي 168/3   دعاء الفزع    .. لا إله إلا الله متفق عليه   ما يقول ويفعل من أذنب ذنباً    .. ما من عبد يذنب ذنباً فيتوضأ فيحسن الطهور ، ثم يقوم فيصلي ركعتين ، ثم يستغفر الله لذلك الذنب إلا غُفر له صحيح صحيح الجامع 173/5   من استصعب عليه أمر    .. اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً رواة ابن السني وصححه الحافظ . الأذكار للنووي ص 106   ما يقول ويفعل من أتاه أمر يسره أو يكرهه    .. كان رسول الله عليه وسلم إذا أتاه أمر ه قال :الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و إذا أتاه أمر يكرهه قال : الحمد الله على كل حال صحيح صحيح الجامع 201/4 كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه أمر يسره أو يُسر به خر ساجداً شكراً لله تبارك وتعالى حسن . صحيح ابن ماجه 233/1)   مايقول عند التعجب والأمر السار    .. سبحان الله متفق عليه الله أكبر البخاري الفتح441/8   في الشيء يراه ويعجبه ويخاف عليه العين    .. إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة ، فإن العين حق صحيح. صحيح الجامع 212/1.سنن أبي داود286/1 . اللهم اكفنيهم بما شئت رواه مسلم 2300/4 حاب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وانصرنا عليهم رواه مسلم 1363/3   دعاء صلاة الاستخارة    .. قال جابر بن عبدالله رضي الله عنهما : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يُعلمنا الاستخارة في الأمور كلها كما يعلمُنا السورة من القرآن ، يقول : إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ، ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك ، و أ ستقدرك بقدرتك ، وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدِرُ ولا أقدِرُ ، وتعلم ولا أعلم ، وأنت علام الغيوب ، اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر -يسمي حاجته - خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجلة و اجله - فاقدره لي ويسره لي ، ثم بارك لي فيه ، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال : عاجله و أجله - فاصرفه عني واصرفني عنه ، واقدر لي الخير حيث كان ، ثم أرضني به رواه البخاري146/8   كفارة المجلس    .. من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه ؟ فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك : " سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك . إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك . صحيح. صحيح الترمذي 153/3   دعاء القنوت    .. اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي و لا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك ، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك " صحيح. صحيح ابن ماجه 194/1 اللهم إياك نعبد ، و لك نُصلي ونسجد ، وإليك نسعى ونحقدُ ، نرجُو رحمتك ، ونخشى عذابك ، إن عذابك بالكافرين ملحق ، اللهم إنا نستعينك ، ونستغفرك ، ونثني عليك الخير ، ولا نكفرك ، ونؤمن بك ونخضع لك ، ونخلع من يكفرك . وهذا موقف على عمر رضي الله عنه . إسناد صحيح . الأوراد171/2-428   مايقال للمتزوج بعد عقد النكاح    .. بارك الله لك ، وبارك عليك ، وجمع بينكما في خير صحيح. صحيح سنن أبي داود 400/2 اللهم بارك فيهما وبارك لهما في أبنائهما رواه الطبراني في الكبير وحسنه الألباني. آداب الزفاف ص77) على الخير والبركة وعلى خير طائر رواه البخاري 36/7 ( طائر : أي على أفضل حظ ونصيب ، وطائر الإنسان : نصيبه) ما يقول ويفعل المتزوج إذا دخلت على زوجته ليله الزفاف يأخذ بناصيتها ويقول : اللهم إني أسألك من خيرها وخير ما جلبت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جُلبت عليه حسن . صحيح ابن ماجه 324/1   الدعاء قبل الجماع    .. لو أن أحدكم إذا أراد أن يأتي أهله قال : بسم الله ، اللهم جنبنا الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا ، فإنه يقدر بينهما ولد في ذلك لم يضره شيطان أبداً متفق عليه   الدعاء للمولود عند تحنيكه    .. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يؤتي بالصبيان فيدعو لهم بالبركة ويحنكهم صحيح . صحيح سنن أبي داود 961/3) (التحنيك : أن تمضغ التمر حتى يلين ، ثم تدلكه بحنك الصبي)   ما يعوذ به الأولاد    .. أعوذ بكلمات الله التامة ، من كل شيطان وهامه ، وكل عينِ لامه رواه البخاري الفتح 408/6   من أحس وجعاً في جسده    .. ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل : بسم الله ، ثلاثاً ، وقل سبع مرات : أعوذ بالله وقُدرته من شر ما أجد وأحاذر رواه مسلم1728/4   مايقال عند زيارة المريض ومايقرأ عليه لرقيته    .. لابأس طهور إن شاء الله رواه البخاري 118/4 اللهم اشف عبدك ينكأ لك عدواً ، أو يمشي لك إلى جنازة صحيح . صحيح سنن أبي داود 600/2 مامن عبد مسلم يعود مريضاً لم يحضر أجله فيقول سبعة مرات : أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفي صحيح . صحيح الترمذي 210/2 بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك ، من شر كل نفس ، وعين حاسدة بسم الله أرقيك ، والله يشفيك صحيح . صحيح الترمذي 287/1 أذهب الباس ، رب الناس ، إشف وأنت الشافي لاشفاء إلا شفاء لايُغادر سقماُ رواه البخاري الفتح 131/10   تذكرة في فضل عيادة المريض    .. قال صلى الله عليه وسلم : إن المسلم إذا عاد أخاه لم يزل في خرفة الجنة صحيح. صحيح الترمذي 285/1 قيل ما خُرفة الجنة ؟ قال : جناها . وقال صلى الله عليه وسلم :" مامن مُسلم يعود مُسلماً غُدوة ، إلا صل عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُمسي ، وإن عاده عشيةَ إلا صلى عليه سبعون ألف ملكِ حتى يُصبح وكان له خريف في الجنة صحيح . صحيح الترمذي 286/1   مايقول من يئس من حياته    .. اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق متفق عليه اللهم الرفيق الأعلى رواه مسلم1894/4   كراهية تمني الموت لضر نزل بالإنسان    .. لايدعون أحدكم بالموت لضر نزل به ولكن ليقل : اللهم أحيني ماكنت الحياة خيراً لي ، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي متفق عليه   من رأى مببتلى    .. من رأى مُبتلى فقال : الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به ، وفضلني على كثير ممن خلق تفضيلاً لم يُصبه ذلك البلاًء صحيح. صحيح الترمذي 153/3   تلقين المحتضر    .. قال صلى الله عليه وسلم : لقنوا موتاكم قول : لاإله إلا الله رواه مسلم 631/2 من كان آخر كلامه لاإله إلا الله دخل الجنة صحيح . صحيح سنن أبي داود 602/2   الدعاء عند إغماض الميت    .. اللهم اغفر ( لفلان) ورفع درجته في المهديين واخلفه في عقبه في الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين وافسح له في قبره ونور له فيه رواه مسلم 634/2   مايقول من مات له ميت    .. مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول :" إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مُصيبتي واخلف لي خيراً منها . إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها رواه مسلم 632/2   الدعاء للميت في الصلاة عليه    .. اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نُزُله . ووسع مُدخلهُ . واغسله بالماء والثلج والبرد ، ونقه من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ( ومن عذاب النار ) رواه مسلم 663/2 اللهم اغفر لحينا وميتنا ، وشاهدنا وغائبنا ، وصغيرنا وكبيرنا ، وذكرنا وأُنثانا ، اللهم من أحييته منا فأحييه على الإسلام ، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لاتحرمنا أجره ولاتضلنا بعده صحيح. صحيح ابن ماجه 251/1 اللهم إن فلان بن فلان في ذمتك ، وحبل جوارك فقه من فتنة القبر وعذاب النار ، أنت الغفور الرحيم صحيح . صحيح ابن ماجه 25/1 اللهم عبدك وابن عبدك وابن امتك إحتاج إلى رحمتك ، وأنت غني عن عذابه ، إن كان مُحسناً فزده في حسناته ، وإن كان مُسئاً فتجاوز عنه واه الحاكم ووافقه الذهبي . انظر أحكام الجنائز للألباني ص159   وإن كان الميت صبياً    .. اللهم أعذه من عذاب القبر حسن . أحكام الجنائز للألباني ص161. اللهم اجعله فرطاً وسلفاً ، وأجراً موقوف على الحسن - البخاري تعليقاً   عند ادخال الميت القبر    .. بسم الله وبالله ، وعلى ملة رسول الله ( أو على سُنة رسول الله ) صحيح. صحيح الترمذي 306/1   مايقال بعد الدفن    .. كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه فقال :" استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يُسأل صحيح . صحيح سنن أبي داود 620/2   دعاء زيارة القبور    .. السلام عليكم أهل الديار ، من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المُستقدمين منا والمستأخرين وإنا ، أن شاء الله بكم للاحقون رواه مسلم 671/2   دعاء التعزية    .. إن لله ماأخذ وله ماأعطى . وكل شئ عنده بأجل مُسمى ...فلتصبر ولتحتسب متفق عليه

السبت، 20 نوفمبر 2010

﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ ﴾[‏ الأنبياء‏:83]‏


                                                       





هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في أوائل الثلث الأخير من سورة الأنبياء‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ وآياتها اثنتا عشرة ومائة‏(112)‏ بعد البسملة‏,‏ وقد سميت بهذا الاسم لاستعراضها سير عدد من أنبياء الله‏.‏ ويدور المحور الرئيس للسورة حول قضية العقيدة الإسلامية شأنها في ذلك شأن كل السور المكية‏.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

هذا‏,‏ وقد سبق لنا استعراض سورة الأنبياء‏,‏ وما جاء فيها من ركائز العقيدة والإشارات الكونية‏,‏ ونركز هنا علي جانب الإعجاز التاريخي في ذكر قصة سيدنا أيوب ـ عليه السلام ـ والذي تشير الآثار المتوافرة لنا اليوم إلي وفاته قبل بعثة المصطفي صلي الله عليه وسلم بأكثر من ألفي سنة‏.‏


من أوجه الإعجاز التاريخي في الآية الكريمة
أولا‏:‏ ذكر أيوب عليه السلام في القرآن الكريم‏:‏

جاء ذكر نبي الله وعبده أيوب ـ عليه السلام ـ في القرآن الكريم أربع مرات في أربع من سور القرآن الكريم علي النحو التالي‏:‏
‏1.‏ ﴿
 إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُوراً ﴾ ‏[‏ النساء‏:163]‏.
‏2.‏ ﴿ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَّن نَّشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ *‏ وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلاًّ هَدَيْنَا وَنُوحاً هَدَيْنَا مِن قَبْلُ وَمِن ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي المُحْسِنِينَ ﴾
‏[‏ الأنعام‏:83‏ ـ‏84].‏
‏3.‏ ﴿ وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ ﴾
‏[‏ الأنبياء‏:83‏ ـ‏84].‏
‏4.‏ ﴿ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً فَاضْرِب بِّهِ وَلاَ تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِّعْمَ العَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾
‏[‏ ص‏:41‏ ـ‏44].‏
وقوله ـ تعالي‏:‏ اركض برجلك أي‏:‏ اضرب الأرض برجلك‏,‏ وبامتثاله ما أمره الله به نبعت بقدرة الله ـ تعالي ـ عين من الماء البارد‏,‏ وأمر أن يغتسل فيها‏,‏ وأن يشرب منها فأذهب الله ـ سبحانه وتعالي ـ عنه كل ما كان بجسده من الأدواء الظاهرة والباطنة‏,‏ وعاد سليما معافي كما كان قبل الابتلاء‏.
‏ ثم وهبه الله ـ تعالي ـ أهله وماله مضاعفين ـ وكانا قد سلبا منه ـ وذلك لقوله ـ تعالي‏:‏ ﴿ وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لأُوْلِي الأَلْبَابِ ﴾
‏.‏ أي‏:‏ وجمعنا شمله بأهله الذين كانوا قد تفرقوا عنه أثناء ابتلائه‏,‏ وأيام محنته‏,‏ أو الذين كانوا قد ماتوا فعوضه الله ـ سبحانه وتعالي ـ عنهم وزاد عليهم مثلهم‏,‏ وفعل ربنا ـ تبارك وتعالي ـ ذلك رحمة منا بعبدنا أيوب جزاء صبره علي البلاء واحتسابه ذلك في سبيل الله‏,‏ وعظة لأصحاب العقول السوية ليدركوا أن بعد العسر اليسر‏,‏ وأن بعد الشدة الفرج جزاء علي صبر الصابرين واحتساب المحتسبين‏,‏ وكان أيوب قد حلف أن يضرب زوجه أو أحدا من أهله عددا من الضربات علي خطأ كان قد ارتكبه‏,‏ فحلل الله ـ تعالي ــ له يمينه بأن يأخذ حزمة من القش‏,‏ فيها العدد الذي أقسم أن يضرب به‏,‏ فيضرب به ضربة واحدة‏,‏ وفاء بيمينه دون أن يصاب المضروب بألم يذكر‏.‏ وقد من الله ـ تعالي ـ علي عبده أيوب بهذه النعم جزاء صبره علي البلاء‏,‏ وتذكرة لكل من ابتلي في جسده أو ماله أو ولده كي يصبر ويحتسب لأن الصبر من منازل المؤمنين بالله المتقين لجلاله كما أخبر بذلك المصطفي ـ صلي الله عليه وسلم‏.‏

ثانيا‏:‏ ذكر أيوب ـ عليه السلام ـ في السنة النبوية المطهرة‏:‏
عن أنس بن مالك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال‏:‏ إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة‏,‏ فرفضه القريب والبعيد‏,‏ إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له‏,‏ كانا يغدوان إليه ويروحان‏,‏ فقال أحدهما لصاحبه‏:‏ تعلم والله لقد أذنب أيوب ذنبا ما أذنبه أحد من العالمين‏,‏ قال له صاحبه‏:‏ وما ذاك؟ قال‏:‏ منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه ربه فيكشف ما به‏.‏ فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له‏,‏ فقال أيوب‏:‏ لا أدري ما تقول؟ غير أن الله ـ عز وجل ـ يعلم أني كنت أمر علي الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلي بيتي فأكفر عنهما‏,‏ كراهة أن يذكر الله إلا في حق‏;‏ وقال صلي الله عليه وسلم‏:‏ وكان أيوب يخرج في حاجته‏,‏ فإذا قضاها أمسكت امرأته بيده حتي يرجع‏.‏ فلما كان ذات يوم أبطأت امرأته عليه‏,‏ فأوحي الله إلي أيوب في مكانه أن اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب فاستبطأته امرأته فتلقته تنظر‏,وأقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء‏,‏ وهو علي أحسن ما كان‏,‏ فلما رأته قالت‏:‏ أي بارك الله فيك‏!‏ هل رأيت نبي الله هذا المبتلي؟ فو الله القدير علي ذلك ما رأيت رجلا أشبه به منك إذ كان صحيحا‏,‏ قال‏:‏ فإني أنا هو‏.‏
وقل صلي الله عليه وسلم عن نبي الله أيوب‏:‏ وكان له أندران‏,‏ أندر للقمح وأندر للشعير‏,‏ فبعث الله سحابتين‏,‏ فلما كانت إحداهما علي أندر القمح أفرغت عليه الذهب حتي فاض‏,‏ وأفرغت الأخري في أندر الشعير الورق‏(‏ أي الفضة‏)‏ حتي فاض‏(‏ السلسلة الصحيحة للألباني ـ ج‏17).‏
وقصة نبي الله أيوب ـ عليه السلام ـ هي من نماذج الصبر علي الابتلاء الذي يقدره الله ـ تعالي ـ علي عبد من عباده فيصبر ويحتسب‏,‏ ويكون العطاء الوافر في الدنيا وفي الآخرة هو جزاء الصبر والاحتساب‏.‏ وقد طال صبر أيوب علي الابتلاء بغير تضرر ولا ضجر حتي لأصبح يضرب بصبره المثل‏,‏ وأصبحت قصة صبر أيوب علي كل لسان‏,‏ إلا أن القصة قد شابها حتي تم تشويهها بالكامل‏,‏ وأصبحت ضربا من القصص الشعبي‏,‏ من الإسرائيليات ما شابها‏,‏ والحق من هذه القصة هو ما جاء عنها في كتاب الله ـ تعالي ـ وفي سنة خاتم أنبيائه ورسله صلي الله عليه وسلم‏,‏ كما عرضناه في الآيات القرآنية الكريمة التي تم الاستشهاد بها أعلاه‏,‏ وفي الحديث النبوي الشريف الذي ذكرناه آنفا‏.‏ وخلاصة ذلك أن أيوب ـ عليه السلام ـ كان عبدا من عباد الله الصالحين‏,‏ وقد ابتلاه الله ـ تعالي ـ في عافيته وولده وماله فصبر صبرا جميلا‏,‏ وبقي واثقا في ربه‏,‏ راضيا بقضائه‏,‏ محتسبا لابتلائه‏,‏ وكان الشيطان يوسوس لزوجته ولعدد من خلصائه القلائل الذين بقوا علي وفائهم له بأن الله ـ تعالي ـ لو كان راضيا عن عبده أيوب ما ابتلاه هذا الابتلاء الذي طال لقرابة العشرين عاما‏,‏ وكان بعض هؤلاء الخلصاء ي
سرون إلي أيوب بذلك فتؤذيه أقوالهم في نفسه أشد ما يؤذيه المرض وغيره من صور الابتلاء لأنه كان يعلم أن ذلك من وساوس الشيطان إلي البقية الباقية من خلصائه حتي ينصرفوا عنه‏.‏

ولما تكاثرت أحاديث خلصائه عليه توجه إلي ربه بالشكوي مما يلقي من إيذاء الشيطان‏,‏ ومن نفثه في آذان من بقي حوله من أهله وأصدقائه فقال‏:[...‏ أني مسني الشيطان بنصب وعذاب‏]‏ فاستجاب الله دعوته‏,‏ وأدركه برحمته‏,‏ فأنهي ابتلاءه‏,‏ ورد عليه عافيته وأهله وماله‏.‏
وفي ذلك تأكيد علي رحمة الله وفضله علي عباده الصالحين الذين يعرضهم لشيء من الابتلاء فيصبرون ويحتسبون رضا بقضاء الله وقدره‏,‏ ويقينا بأنه الخير كل الخير‏,‏ وذلك انطلاقا من قول رسول الله صلي الله عليه وسلم‏:‏ أشد الناس بلاء الأنبياء‏,‏ ثم الصالحون‏,‏ ثم الأمثل فالأمثل وقال‏:‏ يبتلي الرجل علي حسب دينه‏,‏ فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه‏(‏ صحيح الجامع‏/992,‏ السلسلة الصحيحة للألباني‏/‏ ح‏145,144,143).‏ ولذلك عقب القرآن الكريم علي قصة نبي الله أيوب بقول ربنا ـ تبارك وتعالي ـ‏:[...‏ إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب‏].‏
وذلك الإنعام من الله ـ تعالي ـ علي عبده ونبيه أيوب كان جزاء وافرا علي صبره علي البلاء الذي لم يقنطه من رحمة ربه‏,‏ ولم يوقفه عن حسن الالتجاء إلي الله ليكون في ذلك درسا لغيره من عباد الله الصالحين‏,‏ وعبرة وعظة للمعتبرين‏.‏

ثالثا‏:‏ ومضة الإعجاز التاريخي في الآية الكريمة‏:‏

يذكر كل من علماء التفسير وتاريخ الأديان أن أيوب ـ عليه السلام ـ كان من ذرية إسحاق بن إبراهيم ـ عليهما من الله السلام ـ وأنه كان عبدا صالحا من الله ـ تعالي ـ عليه بالعافية والأهل والمال‏,‏ ثم ابتلاه بسلب ذلك كله منه‏,‏ وظل محتسبا وصابرا ثمانية عشر عاما حتي رد الله ـ تعالي ـ إليه كل من كان قد سلب منه في فترة الابتلاء والاختبار‏,‏ وعاد أصح عافية‏,‏ وأغني بالأهل والمال مما كان عليه‏,‏ وبذلك جعله ربنا ـ تبارك وتعالي ـ مثلا للصابرين المحتسبين‏,‏ ودرسا لغيره من المعتبرين‏,‏ وذلك لأن الابتلاء هو من سنن الحياة الدنيا‏,‏ والصبر علي الابتلاء هو من شيم أصحاب الدعوات من عباد الله الصالحين عبر التاريخ‏,‏ وسيظل كذلك حتي قيام الساعة والله ـ تعالي ـ قد جعل النصر مع الصبر‏,‏ وجعل عاقبة الصابرين الفوز المبين في الدنيا قبل الآخرة‏,‏ وما عند الله خير وأبقي‏,‏ وبذلك الفهم يهون الابتلاء ـ مهما عظم ـ علي كل قلب عامر بالإيمان بالله‏,‏ مؤمن بقضائه وقدره‏,‏ موقن بأنه الخير كل الخير‏,‏ وأن عاقبته الخير‏,‏ وإن بدا لأعين الناس غير ذلك‏,‏ وهذا هو الدرس المستفاد من قصة نبي الله أيوب ـ عليه السلام ـ في القرآن الكريم‏.‏

ويذكر علماء كل من التفسير وتاريخ الأديان أن نبي الله أيوب ـ عليه السلام ـ عاش في منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد‏(‏ في حدود‏1600‏ ـ‏1500‏ ق‏.‏م‏),‏ وأن خاتم الأنبياء والمرسلين ـ صلوات ربي وسلامه عليه ـ بعث في أوائل القرن السابع الميلادي‏,‏ وعلي ذلك فالفارق الزمني بين هذين النبيين الكريمين يفوق الألفي عام‏,‏ وأن خاتم النبيين صلي الله عليه وسلم كان أميا لا يعرف القراءة والكتابة حتي لا يتهمه أحد بأنه نقل القصص القرآني عن كتب الأولين‏,‏ وهو صلي الله عليه وسلم لم يزر أرض حوران التي يقال إنها كانت بلاد أيوب ـ عليه السلام ـ ومن هنا فإن الإشارة إلي قصة هذا النبي في القرآن الكريم‏,‏ هي من المعجزات التاريخية في كتاب الله‏,‏ وإن جاءت في الأصل مواساة لرسول الله صلي الله عليه وسلم وللذين آمنوا معه في وقت ابتلائهم بمظالم مشركي وكفار مكة‏,‏ ومواساة لكل داعية إلي دين الله يتعرض لظلم الطغاة المتجبرين من الحكام الظالمين في كل زمان ومكان إلي يوم الدين‏,‏ وذلك لأنه لم يكن لأحد من أهل الجزيرة العربية إلمام بقصة نبي الله أيوب في زمن الوحي‏.‏
وتأتي القصة ـ علي عادة القرآن الكريم ـ بالدروس والعبر المستفادة منها‏,‏ لا من قبيل السرد التاريخي المجرد‏,‏ لأن القرآن الكريم هو كتاب هداية ـ وليس كتاب تاريخ‏,‏ ولكن بما أنه كلام رب العالمين في صفائه الرباني فإن كل حرف‏,‏ وكلمة‏,‏ وآية‏,‏ وسورة منه تأتي بالحق المبين في أي مجال تتعرض له‏,‏ علي تعدد مجالاته وتشعبها‏.‏
القصة ـ كغيرها من قصص القرآن الكريم ـ تبرز كوجه من أوجه الإعجاز التاريخي في كتاب الله يشهد لهذا الكتاب العزيز بأنه لا يمكن أن يكون صناعة بشرية بل هو كلام الله الخالق الذي أنزله بعلمه علي خاتم أنبيائه ورسله‏,‏ وحفظه بعهده الذي قطعه علي ذاته العلية‏,‏ في نفس لغة وحيه‏(‏ اللغة العربية‏),‏ وحفظه علي مدي أربعة عشر قرنا ويزيد‏,‏ وتعهد بهذا الحفظ تعهدا مطلقا حتي يبقي القرآن الكريم شاهدا علي الخلق أجمعين إلي يوم الدين‏.‏ فالحمد لله علي نعمة الإسلام‏,‏ والحمد لله علي نعمة القرآن‏,‏ والحمد لله علي بعثة خير الأنام ـ صلي الله عليه وسلم وبارك عليه وعلي آله وصحبه ومن تبع هداه ودعا بدعوته إلي يوم الدين ـ وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‏.‏




بقلم الدكتور : زغلول النجار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق